Google Analytics

Sunday 28 June 2015

بين السوكاياكي و السوشي

28 يونيو 2015

مؤخرا اتعرفت على السوشي من خلال بعض الاصدقاء و عجبني و بقيت بروح مطاعم اسيوية مختلفة و السوشي هو الوجبة الأساسية اللي باكلها هناك. كل مرة أروح مطعم من دول, أفتكر مغامرتي من 15 سنة مع السوكاياكي الياباني.

من
15 سنة تقريبا كنت في رحلة عمل لنيوجيرسي لمدة اسبوعين مع شركة أمريكية. مدير المشروع من الشركة كان شخص ياباني وفي اخر يوم من الرحلة, مدير المشروع قرر إنه يعزمني على العشاء و حجز مكان في افخم مطعم ياباني هناك. المطعم كان جامد جدا و كل الديكورات كلها واخدة الطابع الياباني حتى المضيفات كانوا لابسين الزي الرسمي الياباني )الكيمونو). وقتها كان كل معلوماتي عن الاكل الياباني هو إن كل اكلهم معمول من السمك الني و أنا مكنتش أعرف أي حاجة غير الشوسي اللي في عقلي عبارة عن سمك ني و دي وقتها كانت حاجة مقرفة جدا بالنسبة ليا. تخيل كده شخص مصري بيعشق الملوحة و الرنجة و يقرف من موضوع السمك الني ده.   

طبعا
فكرة  السوشي وقتها كانت فكرة مستحيلة بالنسبة ليا, فقلت للراجل الياباني اللي معايا إنه يختار أي حاجة على زوقه بس بشرط إنها متكونش سمك ني و تكون حاجة مطبوخة على النار. الراجل قرر إنه يطلب اكلة تنطبق على الشروط اللي قلتها و طلب سوكاياكي. أنا  بصيت في قائمة الاكل و لقيت إنه نوع غالي فقلت أكيد النوع ده هيطلع كويس و هعرف اكله. بعد ما الراجل طلب السوكاياكي, واحدة من المضيفات راحت جابت بوتجاز و طاسة كبيرة و فيها مكعب ابيض في النص بيطلع رغاوي شبه الصابون و جابت كمية كبيرة من الأعشاب اللي عمري ما شوفتها و شرائح لحمة و ابتديت تحط الحاجات دي على بعضها في الطاسة وانا ببص للراجل الياباني و لقيته هيموت على الاكل ده و في قمة السعادة إنه هياكل البتاع ده وانا ماعيش غير العصايتين بتوع الاكل و بحاول اصطاد بيهم و كل ما اصطاد حاجة بالعصاية تقع و كان منظري بشع في المطعم و الراجل بيحاول يعلمني آكل إزاي بالعصاية و طبعا  كل محاولاته فشلت ده غير إن  الاكل معجبنيش خالص و طلبت طبق رز سادة و اكلته بالشوكة و الراجل اللي معايا أكل السوكياكي كله و معاه المشروب الرسمي الياباني )الساكي) وانا طبعا  بلعن في اليوم اللي دخلت فيه المطعم خاصة إن الحوار اللي كان بيننا كان عن مقارنات الراجل قراها بين البوذية و المسيحية وانا بقول في عقل بالي الراجل ده مجنون .

تلف
الايام و تدور بيا و أسافر أكتر و اتعرف على السوشي و اكتشف إن طعمه جميل و اصبحت من عاشقي السوشي و كل مرة اضحك على نفسي وانا قدامي السوكاياكي و مش طايق روحي وانا قاعد مع الراجل الياباني المجنون.

اللي
حصل في ال 15  سنة مش قليل  و خلال الفترة دي  فهمت حاجات كتير و قريت أكتر و اتعلمت إن  الاختلاف بين البشر شيء طبيعي بل بالعكس, هو شيء صحي و مفيد للمجتمع.
لو بصينا لاكبر الدول الغربية اقتصاديا, هنلاقي إن مجتماعتهم عبارة عن مزيج من الثقافات و الأجناس و العادات المختلفة و التنوع ده هو اللي بيخلق المناخ للابتكار و الابداع و الاهم من ده كله التعايش بين الناس وبعضها و تقبل الاختلاف بين البشر.

أي
قارئ مبتديء لتاريخ مصر, هيلاقي إن الاسكندرية كانت تمثل اهم مدينة في العالم القديم و كان عايش فيها اجناس و بشر من حضارات مختلفة اللي كانوا بيروحوا هناك عشان يتعلموا في مدرسة الاسكندرية و كانت الاسكندرية تتميز إنها قادرة على استيعاب كل الأجناس  المختلفة حتى انتشار المسيحية و عندما اصبحت المسيحية الدين الرسمي للامبراطورية الرومانية و لقينا المسيحيين بيقتلوا هيباتيا الفيلسوفة السكندرية و يهدموا معابد وثنية و من وقتها, انطفأ نور الاسكندرية الثقافي و الحضاري و اكمل المسلمين ما بدأه المسيحيون عندما اصبحت مصر دولة اسلامية و يكتب التاريخ قصص مختلفة عن اضطهاد المسلمين لغير المسلمين في فترات مختلفة من الحكم الاسلامي لمصر.

برضه الاسكندرية
في العصر الحديث قبل ثورة يوليو كانت مدينة لمختلف الأجناس يعيش فيها بشر من جنسيات مختلفة و كانت فترة من اهم الفترات للاسكندرية و ازدهرت فيها التجارة و كانت من اهم المدن المصرية بحق بسبب التنوع و الاختلاف اللي كان موجود بسبب الناس اللي جاية من بلاد مختلفة و قررت انها تعيش في هذه المدينة الجميلة. طبعا بعد ثورة يوليو, تحول المجتمع للشحن ضد كل ما هو غير مصري حتى اليهود المصريين تم التضييق عليهم و طفش اغلب الاجانب اللي كانوا عايشين في الاسكندرية و فقدت المدينة الجميلة بريقها القديم مرة تانية.

الغرب
عرف يستوعب الجميع و الموضوع ده اثري المجتمعات الغربية بالايجاب و اهم نتائجه هو زيادة الحس الانساني عند المواطن الغربي و تقبله لغير من البشر المختلفين معه في أشياء كثيرة و لكنهم اكتشفوا إن الارض المشتركة بينهم أكبر و يستمر الغرب في ابهار العالم العربي بالانجازات و الاكتشافات اللي اهم عامل فيها هو التنوع في الثقافات و العادات للوافدين على العالم الغربي من كل انحاء العالم كما كانت الاسكندرية في العصر القديم قبلة الاجانب من كل بلاد العالم القديم.

ما
يقف حائلا امام المجتمع المصري للوصول لما وصل اليه الغرب هو النزعة الدينية المتطرفة اللي بيلعب به رجال الدين و الاحساس الزائف بالوطنية اللي بيلعب به الحكام من وقت لاخر, فاصبحنا نرى مواطنين مصريين يسلمون اشخاص يتحدثون الانجليزية في المترو للشرطة باعتبارهم جواسيس و يتم عمل جلسات عرفية بين عائلات متنازعة في قلب العاصمة المصرية في المطرية و غيرها من الاحداث اللي بتأكد إن المجمتع المصري بعيد كل البعد عن احترام الافكار و الاراء المختلفة و التعايش مع المختلف في الرأي و كأن الطبيعي ان يتفق كل البشر على شيء واحد و فكر واحد.

الحقيقة
إن خلال ال 15 سنة, ادركت إن الحياة عبارة عن صورة كبيرة, ألوان هذه الصورة هي البشر باختلافاتهم و كل لون يضاف للصورة, يعطيها شكل و منظر احلي من صورة من لون واحد قاتم يعبر عن تيار واحد في المجمتع يكره أي شيء مختلف معه و يري إنه يحمل الحقيقة المطلقة و ضاعت الانسانية مع كل الكره الموجود في المجتمع المصري للاسف.

أعرف
إن الصراع الفكري في مصر لن يقف بل سيزيد مع الوقت طول ما النزعة الدينية و الوطنية تستغل أسوء استغلال من المستفيدين من تنزاع اطراف المتجمع المختلفة و لن يستقر الوضع حتى يدرك المجتمع إن الكل له نفس الحقوق و الواجبات في البلد و على الجميع التعايش مع الاخر في احترام في ظل سيادة القانون اللي قوامه المساواة و العدل. أعرف إن اليوم ده بعيد جدا في ظل الظروف الحالية و لكني اتمني الا يستمر الوضع الحالي طويلا.

https://www.facebook.com/fkhair/posts/10155750474640029

No comments:

Post a Comment